توقعات بارتفاع أسعار النفط إلى 85-87 دولار خلال 2025 وسط التوترات الجيوسياسية ومخاوف العرض

خالد سليمان

مع تقدمنا ​​​​في الربع الثالث من عام 2024 من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى حوالي 85 – 87 دولار للبرميل، مدفوعة بمزيج من المخاوف الجيوسياسية والخفض المستمر للمعروض والإعلان المتوقع عن خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبرغم ذلك من الضروري تسليط الضوء على الوضع في الصين الذي سيكون عاملاً حاسمًا في اتجاهات الأسعار، حيث يمكن أن يخفف من الزخم الصعودي في سوق النفط أو يوفر مشاعر إيجابية إضافية في حالة التعافي.

ديناميكيات سوق النفط الخام

هناك العديد من العوامل المعقدة التي تؤثر على سوق تداول النفط الخام والتي أدت إلى تقلبات الأسعار ضمن نطاق يتراوح بين 75 إلى 85 دولار للبرميل، ينبع عدم اليقين في السوق من مزيج من الأحداث الجيوسياسية وقرارات أوبك بلس وديناميكيات الانتخابات في الولايات المتحدة والطلب غير المتسق من الصين.

خلال الربع الأول من عام 2024 أدت المناقشات داخل أوبك بلس والمخاطر الجيوسياسية المتصاعدة، إلى جانب المؤشرات الاقتصادية الإيجابية من الولايات المتحدة والهند، إلى ارتفاع الأسعار في البداية، ومع ذلك، كانت هذه المكاسب محدودة بسبب المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في الصين والسياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتعزيز الدولار الأمريكي، وقد حذر الخبراء من أن هذا المزيج من التأثيرات خلق توازنًا دقيقًا مما جعل من الصعب التنبؤ بمسار الأسعار على وجه اليقين.

وفي الوقت نفسه، أعلنت أوبك بلس في الربع الثاني من العام عن خططها لإلغاء تخفيضات الإنتاج الطوعية التي بلغت 2.2 مليون برميل يوميًا تدريجيًا، وفي حين أثار هذا القرار في البداية التفاؤل في السوق، إلا أن احتمال زيادة مخزونات النفط العالمية سرعان ما أدخل الحذر، وعلاوة على ذلك، أدى انخفاض واردات النفط الصينية خلال هذه الفترة إلى تثبيط المشاعر الصعودية، حيث لعبت حالة عدم اليقين الاقتصادي المستمرة في البلاد دورًا مهمًا في تهدئة توقعات السوق، ونتيجة لذلك، تم موازنة الدعم المتوقع من تحول سياسة أوبك بلس بهذه المخاوف المستمرة، مما أدى إلى نظرة حذرة للسوق.

المخاطر الجيوسياسية

كانت المخاطر الجيوسياسية عاملاً مهمًا في دفع أسعار النفط إلى الارتفاع في الأشهر الأخيرة، حيث أدت التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط وخاصة هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى زيادة المخاوف بشأن أمن طرق الشحن الرئيسية، وقد زادت هذه الحوادث من عدم الاستقرار في المنطقة مما جعل السوق أكثر حساسية للاضطرابات المحتملة في إمدادات النفط.

وأشارت وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى أن التوترات المتزايدة في أعقاب اغتيال زعيم حماس في طهران وقائد رفيع المستوى في حزب الله في بيروت، أدت إلى تفاقم الوضع، وقد أدت هذه الأحداث إلى تفاقم الوضع المتقلب بالفعل في الشرق الأوسط، وقد أعلنت كل من إيران وحزب الله وحماس عن نيتها للانتقام من الاحتلال الاسرائيلي، وحذرت الوكالة من أن هذا التهديد الوشيك من المتوقع أن يُبقي السوق في حالة تأهب قصوى مما يزيد من تضخم علاوة المخاطر الجيوسياسية في سوق النفط.

ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تظل المخاطر الجيوسياسية في سوق النفط مرتفعة، مما قد يضيف 2 إلى 3 دولارات للبرميل شهريًا، وفقًا لتوقعات الوكالة، وقالت الوكالة: “إذا تصاعد العنف وتم تعطيل إمدادات النفط من المنطقة فقد تستمر المخاطر الجيوسياسية أو حتى تزيد، مما يوفر دعمًا مستمرًا لأسعار النفط، إن احتمال انقطاع الإمدادات سيؤدي إلى إحداث قدر كبير من عدم اليقين، مما يجعل السوق حساسة بشكل خاص للتطورات في الشرق الأوسط”.

توقعات الطلب على النفط

واصل الطلب على النفط العالمي تراجعه في الربع الثاني من عام 2024، مع تباطؤ النمو على أساس سنوي إلى 710 ألف برميل يوميًا وهو أدنى مستوى ربع السنوي منذ الربع الرابع من عام 2022، وقد تأثر هذا التباطؤ بشكل خاص بانخفاض الاستهلاك الصيني حيث فقدت عملية التعافي في البلاد زخمها بعد الوباء.

وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن ينمو استهلاك النفط العالمي بما يقل قليلاً عن مليون برميل يوميًا في عامي 2024 و 2025، ويعزى هذا النمو المتواضع إلى العديد من الرياح المعاكسة بما في ذلك النمو الاقتصادي البطيء وزيادة الكفاءة والكهربة المستمرة للسيارات، وعلى الرغم من هذه التحديات، من المتوقع أن يظل الطلب على وقود النقل قويًا بسبب قوة حركة الطرق البرية والجوية مدعومة من التعافي المستمر في أنشطة السفر والنقل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أعمال الصيانة الثقيلة القادمة للمصافي المقرر إجراؤها في الخريف، إلى جانب الاضطرابات المحتملة المرتبطة بالطقس بسبب مواسم الأعاصير والرياح الموسمية، قد تحد من إنتاج المنتجات النفطية، ومن المرجح أن تؤدي هذه العوامل إلى تضييق المعروض وتعزيز أسواق المنتجات وخاصة في سبتمبر، ومن المتوقع أن يؤدي الجمع بين الطلب الثابت والإمدادات المقيدة إلى ارتفاع الأسعار في أسواق المنتجات خلال هذه الفترة.

فائض النفط يلوح في الأفق إذا رفعت أوبك الإمدادات

تقول وكالة الطاقة الدولية إن مخزونات النفط تستنفد حاليًا نتيجة للطلب الصيفي المرتفع، ولكن من المتوقع أن تستقر في الربع الأخير من العام، وأظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية أن أسواق النفط العالمية على استعداد للتحول من العجز إلى الفائض في الربع القادم إذا مضت أوبك في خططها لتعزيز الإمدادات.

وأشار تقرير الوكالة إلى أن هذا من المرجح أن يتحول السوق إلى فائض إذا مضت منظمة أوبك قدمًا في خطط مؤقتة لإعادة الإنتاج المعطل بدءًا من أكتوبر، وقالت وكالة الطاقة الدولية إن استهلاك النفط في الصين والتي تعد أكبر مستورد انخفض للشهر الثالث على التوالي في يونيو.

وعلى الرغم من التباطؤ الملحوظ في نمو الطلب الصيني إلا أن أوبك لم تعلن بعد عن موعد تنفيذ خطتها للتخلص من التخفيضات الطوعية للإنتاج تدريجيا بدءا من الربع الرابع.

الجدير بالذكر أن أوبك بلس بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا قد حددت خارطة طريق لإحياء نحو 543 ألف برميل يوميا خلال الربع الأخير من العام، لكنها تؤكد أن الخطط قد “تتوقف مؤقتا أو تنعكس” اعتمادا على ظروف السوق، وقد يصل القرار في الأسابيع المقبلة.

تذبذبت أسعار النفط الخام مؤخرا مع ارتفاع الطلب في الصيف والمخاوف بشأن تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط مع علامات تعثر النمو الاقتصادي في الصين. 

وقالت وكالة الطاقة الدولية: “في الوقت الحالي، يكافح المعروض لمواكبة ذروة الطلب في الصيف، مما يدفع السوق إلى العجز، ونتيجة لذلك، تتضرر المخزونات العالمية”، مع انخفاض المخزونات في يونيو بنحو 26.2 مليون برميل.

وفي الختام:

تظل توقعات أسعار النفط في عام 2024 متفائلة بحذر، مع مساهمة العديد من العوامل في الارتفاع المتوقع إلى 85 – 87 دولار للبرميل، ومن المتوقع أن تلعب التوترات الجيوسياسية وخاصة في الشرق الأوسط، دوراً كبيراً في دفع الأسعار إلى الارتفاع، في حين تزيد المخاوف المستمرة بشأن المعروض وإمكانية خفض أسعار الفائدة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي، من تعقيد ديناميكيات السوق، إلا أن الوضع في الصين سيظل عاملاً حاسماً قادراً على دعم أو تثبيط الزخم الصعودي في سوق النفط، ومع تقدم العام، سيحتاج المشاركون في السوق إلى مراقبة هذه التطورات عن كثب للتعامل مع المشهد المتقلب بشكل فعال.